28 مايو 2011

أول فاتحة للشهية .. أول كتاب





ليس مدعاة للتفاخر فغيري أفضل مني بكثير ، لكن ربما ما سأكتبه قد تحرك في نفوس البعض رغبةً في أن تحتضن يديه كتاب ويقرأ أو على الأقل تعيد شراهتي للقراءة !!

البارحة و أنا أقرأ كتاب أجيالنا من بعدنا للأستاذ أنيس منصور استوقفني عنوان احدى مقالاته و التي اقتبستها لعنوان موضوعي " أول فاتحة شهية أول كتاب " لن أتحدث عما قاله أنيس ، فعندما انهى من قراءة كتابه حينها لكل مقام مقال :)


معلمتي الغالية لن أنسى فضلك

من صغري و أنا أمقت اللغة العربية حتى بات شهادتي تُزين بعلامة الرسوب ، فلم أكن أجيد الكتابة ، وكنت على نقيض أختي التي تعشق حكايات و نوادر جحا و مجلة سعد وميكي فلم أحب القراءة بالمره ، لعل أول شخص أكّن له كل التقدير و الاحترام أستاذتي الفاضلة التي لازال اسمها يتردد في ذاكرتي " أستاذة آمال " فلم تكن كالمعلمات اللاتي يستخدمن أسلوب التوبيخ و الضرب كما هو متعارف ! بل كانت ودودة تكرم طالباتها بقطع من الشوكولاتة لمن يجب على الأسئلة اجابة صحيحة ، بعض المعلمات يتعمدن أن يقمن بهذا الأسلوب إن كان الدرس نموذجي أما هى لا تتغير بالكرم و الطيب بوجود الموجهه أو بغيابه !

أذكر ذات مره أني قمت بإلقاء نظره بورق زميلتي اقتبس منها بعض الكلمات الصحيحة ، أدركت معلمتي بأني اسرق جهد غيري لكنها بدلاً من توبخني قامت بتنبيه زميلتي بأن تخفي ورقتها عني بأسلوب مرح فخجلت حينها من نفسي ومنذ ذلك اليوم باتت درجاتي في الاملاء يقارب العلامة الكاملة بعد أن كانت أقل من أربعة ! وعندما انتهى العام الدراسي ذهب والدي لأخذ شهادتي فأتى بشهادتي و معها هدية " حصالة " من معلمتي :) !


شكراً لمن أساء إلي !

مراهقتي لم تكن تسر على نحو طبيعي كالأخريات اللاتي كن في مثل سني ، فقد وجدت صعوبة في تكوين صداقات ، ومن أرافقهن سرعان ما تبين حقيقتهن تلك التي تريدني ان تستدرجني لعالم بعيد عن العفة، ومنهمن من يردن أن يتحكمن بي كالعجينة وفق أهوائهن ، فعزمت أن احتفظ بكرامتي و خلقي فقررت أن أعيش شبه بلا صديقة ، وربما ذلك ترك لي مساحة فراغ كبيرة مهدت لي أن أفرغها بالقراءة ، ذات مرة شاهدت إعلان في إحدى الصحف اليومية عن سلسلة صرخة الرعب لـ R.L.STINE وكوني اعشق أفلام الرعب و أنا في الثامنة من عمري ! فلم أتردد بشراء معظم أجزاء السلسلة ، أمي كانت تكرمني بشراء كم منها كلما اجتهدت بدراستي ، وذات مرة ذهبت لرحلة معرض الكتاب من دون أن يتم تبليغنا نحن الطالبات مسبقاً فلم يكن في جيبي نقود فذهبت بخجل أطلب من معلمتي مبلغ معين على عدد القصص التي اود شرائها فأكرمتني بضعف المبلغ و رسمت في شفتي ابتسامة فسعدت وصدق من أسماها بـ " سعاد " !

روايات مصرية للجيب

لن ابالغ إن قلت بأني شغفت بقراءة روايات مصرية للجيب ، فقد كانت معي أينما أكون في البيت ، في المدرسة ، في الزيارات الاجتماعية ، بل كنت أقرأها وأنا في الباص ريثما يوصلني السائق إلى منزلي !
كنت أحب أن أقرأ و أرتشف حليب بالشوكلاتة الباردة ، ومن كثر حبي للقراءة حتى البائع عرف إسمي وأخذ يهديني بعدد من القصص مجاناً !!


قصة حبي للميثولوجي بدأت مع رفعت إسماعيل !

سلسة ماوراء الطبيعة هى إحدى الروايات للجيب ، ومن منا لا يعرف أحمد خالد توفيق المؤلف المصري الذي عن طريقة عشقت الأساطير ومنها عشقت تاريخ العصر القديم ، لم تكن قصصه مجرد قصة عابرة بل كانت مليئة بأساطير الشعوب القديمة يسردها بطريقة تجذب القارئ بقرائتها شاء أم أباء !
أذكر ذات مرة قرأت ثلاثة قصص في يوم واحد لشدة تعلقي بها ، ومن خلالها أيضاً تعرفت لأدباء عالميين من أمثال برام ستوكر وغيرهم ، فكل الشكر للعجوز المهرج رفعت !

شكر صادق من القلب للقلب

لم أكن أعلم بأن في عالمنا العربي المعرّف بدول النامية أو كما يسمية أحد استاذتي عندما كنت طالبة في الجامعة بدول " النايمة ! " من يحب القراءة بقدري بل ضعف و أكثر بكثير !
لهذا لا أصدق كل من ينعتنا بصفات سلبية " أمة اقرأ لا تقرأ " صحيح نحن قلّة أمام الأغلبية لكن ليس من العدل التعميم !

عبر مدونتي تعرفت على أناس طيبون يبعدنا آلاف الأميال و من أديان مختلفة و مذاهب متناقضة لكن الاحترام وحب القراءة جمعتنا فأبعدت عنا كل تلك الفروقات ، فشكراً لكم مكتبتي أصبحت تكتظ بكتب من ذوقكم لا من ذوقي فعندما افتح احد منها أذكر بالظبط من صاحب هذا الاقتراح لشراء الكتاب فأسعد و أشعر و كأنكم بقربي :)



باقة ورد عطرة لحضراتكم




وشكر خاصللصديقة روان على اقتراحها بإنشاء المدونة
و العزيزة
ايكونز على اشرافها في تصميم مدونتي في عامها الأول
و الجميلة ريم التي سرقت من وقتها الكثير في تصميم مدونتي

14 مايو 2011

الاجنحة المتكسرة


اسم الكتاب : الاجنحة المتكسرة
نوع الكتاب : قصة
اسم الكاتب :جبران خليل جبران
عدد الصفحات : 101
دارالنشر : دار الحكايات

الكتّاب بمختلف مجالاتهم الأدبية إن كانوا رواة أو شعراء قد يبعدنا عنهم فارق الزمان بمئات السنين و المكان بآلاف الأميال ورغم زيادة تعداد مواليد المهتمين بالأدب إلا أن نادراً ما يخرج من رحم أقلامهم من يضاهي جبران أو حتى نجيب محفوظ !

هذه أول قراءة لي لكتابات جبران ، أذكر أن صديقة عزيزة
" نيبانو " عرضت على قراءة هذه الأقصوصة ، فكل الشكر لها و أتمنى أن تقرأ ما أكتبه :)

لم تعجبني القصة بالمره إن قارنتها بـ
" فلسفة جبران " ، فعلى الرغم من أن قصته تحتضن بضع أوراق لا تتجاوز المائة إلا أنها تحمل في طياتها أمور عديدة تتعدى حكاية عاشقين أبت الأقدار أن تجمعهما معاً وتقف بوجهه المجتمع

القارئ الجيد لا يبحث فقط عن قصة مليئة بالأحداث المشوقة ما أن يفرغ من قرائتها ينساها ، بل القارئ المثقف هو الذي يقدر قيمة وقته و حجم منفعة الكتاب عندما يبحث عن قصة أو رواية يحتضن غلافها قيم ، وعبر ، فلسفة ، وخبر

يصف حاله جبران كعاشق و محب بقوله
" الحب قد أعتق لساني فتكلمت ومزق أجفاني فبكيت و فتح حنجرتي فتنهدت و شكوت "

وعندما يصف المرأة فهو لا ينظر إليها كما يفعل البعض بتلك النظرة الدونية أو ذلك المخلوق الذي يغلب عليه عواطفه " إن الكتّاب و الشعراء يحاولون إدارك حقيقة المرأة و لكنهم للآن لم يفهموا أسرار قلبها و مخبآت صدرها لأنهم ينظرون إليها من وراء نقاب الشهوات فلا يرون غير خطوط جسدها ، أو يضعونها تحت مكبرات الكره فلا يجدون فيها غير الضعف و الاستسلام "

وعندما يريد أن يتغزل بأنوثتها يصفها بالطهر وليس كما يعكف البعض بمخاطبة الغريزة و كأنها خلقت له ولا لشئ آخر ! " إن المرأة التي تمنحها الآلهة جمال النفس مشفوعاً بجمال الجسد هي حقيقة ظاهرة غامضة نفهمها بالمحبة و نلمسها بالطهر ، وعندما نحاول وصفها بالكلام تختفي عن بصائرنا وراء ضباب الحيرة و الالتباس "

أعجبت بفن استعراضه بثقافته عندما قال " فكر واحد أقام الاهرام و عاطفة واحدة خربت تروادة و خاطر واحد أوجد مجد الاسلام و كلمة واحدة أحرقت مكتبة الاسكندرية "

ولا شئ يضاهي براعته في وصف الحزن و كأنها أنشودة يعزفها على ايقاع صوت ارتطام حبره بالورق !
" للكآبة أيدٍ حريرية الملامس قوية الأعصاب تقبض على القلوب و تؤلمها بالوحدة ، فالوحدة حليفة الكآبة كما أنها أليفة كل حركة روحية"
" إن دمعة واحدة تتلمع على وجنة شيخ متجعدة لهى أشد تأثيراً من كل ما تهرقه أجفان الفتيان "
" إن الملامح التي تبيح أسرار الذات المعنوية تكسب الوجه جمالاً و ملاحة مهما كانت تلك الأسرار موجعة و أليمة ، أما الوجوه التي لا تتكلم بصمتها عن غوامض النفس و خفاياها فلا تكون جميلة مهما كانت متناسقة الخطوط متناسقة الأعضاء "
" إن بهرجة الأعراس الشرقية تصعد بنفوس التيان و الصبايا صعود النسر إلى ماوراء الغيوم ثم تهبط بهم هبوط حجر الرحى إلى أعماق أليم ، بل هى مثل آثار الاقدام على رمال الشاطئ لا تلبث أن تموحها الأمواج "

وأجمل عاطفة كتبها في اقصوصته عندما تكلم عن عاطفة الأم
" إن أعذب ما تحدثه الشفاة البشرية هو لفظة " الأم " ، و أجمل مناداة هى " يا أمي " كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل و الحب و الانعطاف و كل مافي القلب البشري من الرقة و الحلاوة و العذوبة ، الأم كل شئ في هذه الحياة ، هى التعزية في الحزن و الرجاء في اليأس و القوة في الضعف ، هى ينبوع الحنو و الرأفة و الشفقة و الغفران ، فالذي يفقد أمه فقد صدراً يسند رأسه إليه ويداً تباركه و عيناً تحرسه "

لم يكتب القدر لجبران أن يعيش طويلاً ورغم ذلك استطاع أن تُخلد كتاباته ويكمل مسيرته قراءه من بعده ، فقبل أن يكون كاتب فهو قارئ وقبل أن يكون شاعر فهو فيلسوف ، وقد صدق في وصيته بأن تكتب عبارته على قبره



" أنا حي مثلكم و أنا الآن إلى جانبكم ،أغمضوا عيونكم ، انظروا حولكم ، وستروني "


أظن لا داعي لتقييم الكتاب بالمره !