13 يوليو 2010

مدن تأكل العشب


عنوان الكتاب : مدن تأكل العشباسم الكاتب : عبده خال
نوع الكتاب :
رواية
عدد الصفحات :
348دار النشر : الساقي
سنة النشر : 1998 ط2
ابتعته من مكتبة العجيري
يكثر السفر في موسم الصيف بغرض كسر الروتين و النعيم بقليل من الراحة ، ورغم أن تلك الرحلات مكلفة إلا أن هنالك رحلة من نوع آخر يجهلها البعض وهى الوحيدة التي لن تتطلب منك تذكرة و جنطة سفر ألا هى قراءة الروايات ..!

لي معيار أعتمد عليه في تقييم أي كتاب أقرأه و بالأخص الروايات وهى عدم ادراكي للوقت وهو يمضي ..!
هذه الرواية رغم أنها تفوح منها أحداث سياسية إلا أنها شهية و ممتعة و يمكن ابتلاعها حتى و إن كنت لا تحب السياسة مثلي :)

اقتباساً من خلف غلاف الرواية ..

" القافلة لم توصل " يحيى " الصغير حيث كان ينبغي أن يصل ، تتوزع الأماكن في حياته و يبتعد واحدها عن الآخر ، كما يتوزع الأهل المفترضون ، لكن خيطاً يشد المتفرق فيلمه في واحد هو السيرة على اختلاف رواتها .
المسافات مابين جدة و قريته الأصلية تنأى بقدر ماتكبر جدة في عينيه الصغيرتين ، و كلما كبرت المدينة صغر حيالها .
و تمضي الحياة ، حياته و قد صار شاباً ، في احتمالاتها ، إلا أن صورة الأطفال الذين جعلوا عبيداً ظلت طرية في ذاكرته التي لم تهرم .

و التحق فعلاً بمن وعدوه بالخلاص ولاحوا في عينيه مخلصين ، غير أن غير أن سيرته مثل سير الضحايا الكثيرين ، ظلت تلهث وراء أحداث كبرى و عواطف مستحيلة ، وفي النهاية كفت القدرة على الاحتمال ، فكل يوم تطلع الشمس لتقتل حلماً كنا نعيشه .. "

تشغل الرواية أكثر من قضية اجتماعية بعضاً منها كانت سائدة في شبه الجزيرة العربية كظاهرة العبيد ، تلك النظرة الاستعلائية التي ينظر بها الأسياد على الأرقاء وسيطرتهم على كافة حقوقهم من دون وجهة حق ، ولوعة فراق حنان الأم ابنها الذي غدا شاباً يافعاً يجهل مصير أسرته بعد اندلاع الحرب و موت مئات الضحايا حتى أنه فقد الأمل في العثور عليهم ، وبين نارين يخفق قلبه بنبضات الحب فيعشق الرق سيدته لكن قيم المجتمع تأبى أن تعترف بأن للعبد مشاعرتفيض بالحب كحال بقية البشر ..
الجميل في الرواية أنها لا تتطرق في الحديث عن جانب معين ، بل كانت أشبه بسيرة حياة طفل يمر بمراحل عمرية تتغير فيها عواطفه و نظرته للحياة و من حوله ، استشعرت بطعم الجوع و الفقر و الغربة .
حقيقة الرواية تحيطها بعض الغموض اذ اشار كل من الراوي و الناشر بأن بعض من الأحداث نسبت معلوماتها لشخص مجهول غير عبده خال
فهل هى مجرد من نسج الخيال أم أنها واقعية ..؟!

خلاصة القول نجحت الرواية في تجسيد حياة البؤساء و حياة أهل البادية ، حتى أنه قام بوضع هوامش تفسر بعض العادات الاجتماعية التي كانت سائدة في ذلك الوقت ...

أنصحكم بقرائتها ..


أعجبت بكثير من الجمل و التي اعتبرها حكم نثرها عبده خال بين أسطر روايته ..

" اكتشفت أن البشر كالتفاح ناضجون و متماسكون خلف قشرة رقيقة إذا اجترحها سكين تأكسدت و اقتربت من العطب بسرعة مذهلة "
" الرجل هو القادر على صنع حياته في أي ظرف من الظروف ، عليه فقط أن يبتعد عن الخسة و الذل ، و ألا يجمع برجليه هوى وجبناً "

" إذا أردت أن تعرف سر الحياة فعليك بالحب ، هو الشئ الوحيد الذي يمنحك سر الوجود"
" ليس عيباً أن تخطئ لكن العيب ان تستمر على هذا الخطأ و لكي تتجنب الاخطاء لابد ان تتعلم "
" الليل بوابة نعبرها فنكشف ذلك الخيط الأبيض فتنقشع غلالة أحلامنا ، و تفيق على أننا كنا نحلم ، و أننا أمضينا ليلاً طويلاً من ذرف الأماني الباردة ، تلك الأماني التي تلتصق بمخادعنا و تحترق بأشعة الشمس الصاعدة ، كل يوم تطلع الشمس لتقتل حلماً كنا نعيشه "


تقييمي للرواية

10/8

:

قمت مؤخراً بشراء مجموعة من الكتب بعضاً منها اقتينتها بناء على قراءات
أعجبت بها
من قبل بعض الأصدقاء وودت عرض ما شريته
:)

حاج كومبوستيلا .. لـ باولو كويلو
عزازيل.. لـ يوسف زيدان

صحوة الناس .. لـ عزيز نيسين

عدو المسيح و الرعاة .. لـ فاش ألبرت
المتمردة .. لـ مليكة مقدم
يوم أشرقت الشمس من الغرب .. لـ نديم نجدي أرجوكم لا تسخروا مني .. لـ جودي بلانكو تكلم حتى أراك .. لـ أنيس منصور
ستأتي الصبية لتعاتبك .. لـ غادة السمان

01 يوليو 2010

الفكر اليوناني قبل أفلاطون


عنوان الكتاب : الفكر اليوناني قبل افلاطون
" العقل اليوناني على دروب الحكمة "
اسم الكاتب : د. حسين حرب
نوع الكتاب : فلسفة و المنطق

عدد الصفحات :
123دار النشر : الفكر اللبناني
سنة النشر : 1990

بطبعي لا أميل إلى قراءة كتب الفلسفة و المنطق لكن بعد أن فرغت من قراءة هذا الكتاب أجد نفسي مقبله على هذا النوع من الكتب :)
أعشق الكتب القديمة أكثر من الحديثة ربما يرجع لإعتقادي بأن الكتب الحديثة تركز على المظهر أكثر من المحتوى ، فكثيراً ما وقعت فريسة سهلة.
هذا الكتاب أكد صحة فرضيتي لكني على يقين بأن المسألة نسبية أوكانت مجرد صدفة لا أكثر ..!
الحضارة كالشجرة لا يمكن أن تقف على قامتها دون أن أن يكون لها جذور، و أنا أرى بأن كل الحضارات نشأت نتيجة حضارات أخرى سبقتها في الوجود ..

هذا الكتاب يتطرق بالحديث عن الحضارة اليونانية التي سبقت ظهور أفلاطون ، فهنالك مفكرون و علماء ساهموا في تغيير اليونان لتغدو دولة ديموقراطية تسود فيها حرية الرأي و التفكير الكفيل بتحرير العقل من الأساطير و الخرافات ، و تحول الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد التجاري بظهور طبقة التجار التي اصبحت من الصفوة في المجتمع لا تقل هيبة عن الطبقة الارستقراطية و التي لعبت دوراً كبيراً في تغيير مجرى الحياة السياسية .
اقتباساً من خلف غلاف الكتاب ..
" هذا الكتاب يستعرض و يحلل إنتاج اليونان العظيم في مجال الفكر أو ما سمى " بالمعجزة اليونانية " فيه نقف معجبين أشد الإعجاب أمام آيات الإبداع اليوناني في ميادين السياسة و الفلسفة و الأدب و الفن و العلم ..
هذا الإبداع يشكل الأساس الذي انبنت عليه كل الحضارات البشرية التي أعقبت الحضارة اليونانية ، لقد ظل اليونان و لفترة طويلة معلمي العالم بامتياز ، عليهم تتلمذ العقل العربي الإسلامي و العقل الأوروبي و العقل البشري بعامة ...
كم نحتاج اليوم إلى الإستنارة بدروس اليونان في السياسة و الأدب و الفلسفة ..
كم نحتاج اليوم إلى الحرية التي فجرت طاقات اليوناني فأبدع ايما إبداع و نعِم العالم كله بنتاج عبقريته ...
كم نحتاج اليوم إلى " ماراتون " و " سلاميس " فنتحد ، كما اتحد اليونان ، وندحر كل محاولات مصادرة حاضرنا و مستقبلنا ..
"


يضم الكتاب ستة عشر فصلاً بعضاً منها خصص لمدارس فكرية و البعض الآخر يتطرق بالحديث عن الجانب السياسي و الاقتصادي و الأدبي ..
- تطور المجتمع اليوناني مابين القرنين الثامن و الرابع ق.م
- الحرية و العقل درس من تاريخ اليونان
- نشأة الوعي النظري المجرد و انحسار الميثولوجيا
المدرسة الأيونية : طاليس ، أنكسيمندريس ، أنكمسيمانس
- الأورفية
- الفيثاغوريون
- هرقليطس
- المدرسة الإليائية
- أنبادوقليس
- المدرسة الذرية : لوقيبوس و ديموقريطس
- أنكساغوراس
- السفسطائيون
- اليونان و العلم : الرياضيات وعلم الطبيعة
- الطب اليوناني
- التأريخ اليوناني
- الأدب اليوناني
- الخطابة و مدارس البلاغة


معظم المفكرين اليونانيين اسهموا في تحريرالعقل اليوناني الذي كان فيما مضى أسيراً للميثولوجيا فمعظمهم عكفوا بالبحث عن أصل الوجود و كيف تكّون الكون و المخلوقات ، لم أعجب بفكرة نشأة الكون الذي يرى بها معظم المدارس الفكرية إذ لا تختلف كثيراً عن تحليل داروين ..!
باستثناء مؤسس المدرسة الإليائية أكسينوفان حول نظرته للذات الإلهيه بأنه " واحد لم يسبقه إله ولن يأتي بعده إلهه " لكنه كبقية الوثنيين لديه أفكار لا تمت صلة بفكرة التوحيد ..!

و على الرغم من ذلك إلا أن بعضهم حمل أفكار تنبع منها قيم و أخلاقيات ربما لو تعمقنا فيها لتغيرت نظرتنا للحياة ..
وقفة مع وصايا أخلاقيات ديموقريطيس :


  • ينفع الفكر صاحبه في ثلاث : يجعله يفكر جيداً و يتكلم جيداً و يفعل جيداً
  • من يجعل طمأنينة النفس هدفه عليه أن لا يتعلق بما هو فوق طاقاته و طبيعته
  • الطب يعالج أمراض الجسد ، و الحكمة تزيل آلام النفس
  • لا القوى الجسدية و لا الخيرات المادية تجعل الإنسان سعيداً ، بل الإستقامة و التعقل
  • تجنب الأخطاء ، لاخوفاً ، بل شعوراً بالواجب
  • من تحكمه أمواله لا يمكن أن يكون إنساناً فاضلاً
  • أفضل بكثير أن ننتقد الأخطاء التي تخصنا ، من أن ننتقد أخطاء الغير
  • أن لانرتكب الظلم ، هذا أمر جيد إنما غير كاف ، يجب بالإضافة إلى ذلك أن لا نريد ارتكاب الظلم
  • لا ضير في الحصول على الخيرات المادية ؛ إنما تحصيلها بطرق غير مشروعة هو من أسوأ الأمور
  • إن صداقة إنسان عاقل واحد أفضل بكثير من صداقة كل الجهلة بجملتهم
  • من لايحب أحداً لا يحبه أحد
  • عندما نبحث عن الخير فإننا لا نبلغه إلا بشق النفس ، بينما الشر ينزل بنا حتى ولو لم نبحث عنه !
  • أفضل للانسان أن يقضي حياته بأكبر قدر من الفرح و بأقل قدر من الحزن :)
  • ليس الشجاع من ينتصر على أعدائه فقط ، بل الشجاع هو من ينتصر على رغباته ، بعض الناس يصبحون أسياد مدن إلا أنهم يبقون عبيد النساء

الكتاب جيد و أحببت أسلوب الكاتب اليسر البعيد عن العسر ، و كما أشرت سابقاً لم أهتم كثيراً حول تحليل المفكرين عن أصل الوجود لأنها لا تتوافق مع عقيدتي لكن لا يعني بأن جميع أفكارهم خاطئة خاصة في مجال العلوم الأخرى فجميعنا يعلم بأن العلماء اعتمدوا على ما تبقى من مخطوطاتهم التي لعبت دوراً لا يستهان به في تطور العلم و المعرفة ..
هذا الكتاب يعد الجزء الأول من " سلسلة الفكر اليوناني" يعقبه كتاب آخر يتطرق بالحديث عن " الفكر اليوناني في عهد أفلاطون " ، من حسن حظي أني اقنيته لكني سأقرأه في وقت لاحق بانتظار أن تزداد شهيتي لابتلاع أفكار أفلاطون :)

:

لا أريد أن أفوت الفرصة بالحديث عن تلك الجزئية التي أعدها من أشد الفقرات إعجاباً بها والتي أراها تصلح لكل زمان ومكان بل نحن بأمس الحاجة إليها الآن بعد أن اختلط مفهوم الحرية بالتعري و الجهل أحببت ماكتبه الكاتب عندما تطرق بالحديث عن الحرية و العقل لذا سأقتبس جزءاً منها ..
" لقد أثبت بما لا يترك مجالاً للشك انهما توأمان يولدان معاً و يعيشان معاً في السراء و الضراء ، كما أنهما يموتان معاً فحيثما انتعشت الحرية انتعش العقل و أبدع ، وحيثما غابت غاب هو الآخر معها ...
إن الحرية وحدها رافعة الشعوب إلى لعب الأدوار الهامة في التاريخ ، و ذلك لأنها تنصّب العقل سيداً و إماماً و حاكماً مطلقاً فتتفجر طاقاته و بيدع ، وينير بإبداعاته دروب البشرية إلى التقدم و القوة و العزم ..
"
في وقتنا الحالي الكل يدعي الحرية لكن صلاحيات حريته تعدت العقل و بات كل منهما يسير في طريق منفصل عن الآخر ، فنجد تصرفاتهم بعيدة عن العقلانية كل البعد ، لقد صدق الناشر عندما قال بأننا بأمس الحاجة لهؤلاء المفكرين الذين أناروا دروب الحكمة و بهم تطور العلم و المعرفة و استأنف العلماء المسلمين مسيرتهم بعد رحيلهم ..

تقييمي للكتاب

10/8