نساء خالدات

اسم الكتاب : الخالدات مائة أولهن السيدة مريم عليها السلام
نوع الكتاب : سيرة حياة
اسم الكاتب : د. أحمد سلامة ابراهيم
عدد الصفحات : 380
سنة النشر : 2010
دار النشر : دار الكتاب العربي
ابتعته من مركز سلطان - السالمية

يشكر الفيلسوف اليوناني " طاليس " والملقب بالحكيم القدر لثلاث :
أولاً : لكونه بشراً وليس حيواناً
ثانياً : لكونه رجلاً وليس إمرأة ..!
ثالثاً : لكونه يونانياً و ليس بربرياً .*

فهل منزلة المرأة تعادل منزلة البهائم ..؟!

ان صفة الخلود خصت للرب سبحانه عن سائر البشر ، ولم يخطأ الكاتب بوصف النساء بـ " الخالدات" فما قمن به من تضحيات خلدت أعمالهن رغم رحيل بعضهن عن عالم الأحياء لأكثر من قرن ..!

من حكم كونفوشيوس إن" أعظم المنتصرين هو من ينتصر من دون حرب " وقد صدق القول ، فالانتصار و القوة وجهان لعمله واحده لكن ليس بالضرورة ان تحمل السلاح وتكون مفتول العضلات حتى يهابك البعض فقد تكون شخصاً ضئيل الحجم رقيق المشاعر تهز كيان مجتمع بأكمله ، فمن كان يتصور بأن قصه خيالية ذات طابع اجتماعي تجسد ظلم و استعباد الزنوج من قبل البيض تنهي نظام الرق ..!
هذه القصة شغلت المجتمع الامريكي و تسببت باقامه حرب لتحرير العبيد حتى أن ابراهام لينكولن انبهر من ضآلة حجم تلك السيدة نظير انجازاتها العظيمة فقال " أهذه السيدة الصغيرة هى التي نسببت في هذه الحرب الكبيرة ؟ !
تلك السيدة تدعى هارييت بيتشر ستو

هذا الكتاب اعده موسوعة فهو يضم شخصيات نسائية بمختلف الثقافات و الأديان و العصور ، فلم يتمركز الباحث في الحديث عن نساء الشرق دون الغرب ، أو نساء العصر الحديث عن القديم ، وهذا ما يضفي موضوعية ورونقاً و افادة كبيرة للقارئ ، وقد برع الكاتب ايضاً في تلقيب كل امرأة يليق بعملها الجليل ، بل انشأ في الكتاب ثمانية فصول في كل فصل يتحدث عن جانب معين ..

الفصل الأول : العظيمات في الايمان
الفصل الثاني : العظيمات في العطاء
الفصل الثالث : عظيمات قدمن جديداً في عصرهن
الفصل الرابع : العظيمات في العلم
الفصل الخامس : العظيمات في القيادة
الفصل السادس : العظيمات في الصبر
الفصل السابع : مجاهدات و مناضلات
الفصل الثامن : عظيمات وراء رجال عظماء

الكتاب ليس دسم بالمره فلكل شخصية خصص لها صفتين ثلاث صفحات ، لذا لم أشعر بالملل عند قراءة أي شخصية .
عن نفسي اعجبت كثيراً بأخلاقيات ونبالة سيدات الاسلام كالسيدة عائشة ، و السيدة نفيسة و السيدة رحمة - زوجة سيدنا ايوب عليه السلام - و السيدة أيارخا -أم موسى عليه السلام - رضي الله عنهن ، ستقرأ عن صنع أعمالهن و أعمال نساء الاسلام الأخريات وقد تطبع على وجنتيك دمعه لأن ما قمن به لهو عمر بطولي فأعظم الجهاد جهاد النفس و اختبار مدى حسن العبد بربه مهما مر من ازمات و صعوبات ..

هذا الكتاب أعاد لي ذكرى حديث د. يوسف غلوم مدرس بجامعة الكويت وهو أستاذ في علم الاجتماع ، يقول " لمن ييب ريال طاري مرته بين ربعه يقول " مرتي و انتو بالكرامه " وهو دليل على تحقير منزلة المرأة ..!"
كان يريد أن يصف لنا التغييرات الاجتماعية التي طرأت في نظرة المجتمع للمرأة و كيف كانت مهمشة و بنظر الغالبية على أنها خطيئة ، ربما في السابق كانت النساء يشكلن عبئاً على أسرهن ذلك لأنهن لا يشغلن مهن تيسر معيشتهم اذا ما قارنها بالرجل ، لكن و من المؤسف حقاً أن مازال البعض يحقر من شأنها رغم أن النساء أكثر تحصيل علمي مقارنه بالرجل ، كما كثيرات منهن شغلن مناصب إدارية و تفوقن عن زملائهم الرجال .

هنالك تساؤل من الصعب ايجاد الاجابة عنها لكن لنقل اجتهاد شخصي قد اكون محقه في شأنه و قد أكون مخطأه ..

إن تحقيرالمرأة لم يدعو إليه الاسلام بالبته بل أعطى حقوقها على أكمل وجهه و الحديث عنها بحاجه إلى موضوع خاص به ، ونحن نعلم بأن نساء الرسول عليهن السلام كن منبر العلم و الافتاء و كان الرجال و النساء على السواء يلجأن إلى السيدة عائشة و السيدة أم سلمة رضي الله عنهن ، و إن دل على شئ دل على تعظيم منزلة المرأة و الأخذ بمشورتها ناهيك عن أنهن لسن أي نساء :)

باعتقادي بعد ان بهت نور الايمان في قلوب الغالبية ابتعد الجميع عن تمثيل كل ما يدعو إليه القرآن الكريم ، و عاد البعض يتشرب قيم الجاهلية من جديد ، من يدرس علم الاجتماع يدرك بأن التغير الاجتماعي لهو أمر صعب حدوثه إلا بعد مرور مدة زمنية حتى تتغير نظرة المجتمع للمرأة و رغم التطور الذي نشهده الا ان البعض لا يزال ينظر للمطلقه على أنها عار فيحسب لكل فعل ألف حساب ، و من الأمور التي لعبت دوراً في نشر العنصرية و التفرقة بين الجنسين هو جهالية المرأة في حقوقها التي أعطتها بعض الأديان و عدم معرفتها في كيفية التعبير عن ابسط حقوقها ، من المواقف الطريفة التي تدل على ذلك ففي القرن التاسع عشر ان لم أكن مخطأة شهد مؤتمر يتحدث عن حقوق المرأة وكان أحد رجال الدين يبدي رأيه في الموضوع فقاطعته إمرأة
فأجابها قائلاً : إن بولس يوصي النساء بالصمت
فردت عليه : وبولس الرسول يوصي كذلك بعزوبة رجال الدين ، فلماذا تزوجت ولم تلتزم أنت بتوصيته ..؟!

هذا الكتاب فتح لي آفاق جديدة للقراءة عن بدايات الأولى أو لنقل العوامل التي لعبت في لصق أذهان المجتمع النظرة الدونية للمرأة ، أظن كتاب " أرسطو و المرأة " سيجيب على الاقل بعض التساؤلات ..

هنالك خطأ فادح ارتكبه الكاتب في مدحه لأعمال الملكة الاسبانية ايزابيلا فهى امرأة فرديناند و من يقرأ تاريخ الاندلس في ايام احتضاره ليحل محله دولة كاثوليكية لهو أمر شنيع ساهمت تلك السيدة مع زوجها في تعذيب المسلمين ، اقتباساً كما ورد في الكتاب " نظمت أحوال الكنيسة الكاثوليكية بالبلاد ، و طردت اليهود و المسلمين من أسبانيا "

محاكم التفتيش كانت تقوم بتعذيب المسلمين إلى أن يعلن كفره بالاسلام وكثير من هم ابوا الاعلان ولو بالاكراه فمات من مات بعضهم كفر و الآخر هجر و لم يبقَ في اسبانيا حالياً سوى آثار معمارية كنائسية كانت فيما مضى مساجد ..!


على الرغم من ذلك الكتاب بالفعل شيق و جميل ، لكن نعتب على الكاتب في اختصاره الشديد عن النساء المؤمنات لأن الكاتب لم يكلف عناء سرد الكثير عن السير الذاتية :)

قبل أن انهي حديثي عن الكتاب يستهل الكاتب بالمقدمة بأن غلاف الكاتب زود بصور لنساء عظيمات و ترك اطار يخلو من صوره و اكتفى بالكتابة عليها " الأم " حتى يلصق القارئ صورة والدته ، فلكل منزل هنالك إمرأة عظيمه ربت أبناء على حب الخير و العطاء ..

اختم برسالة غزلية للرجل المعطاء الضرير طه حسين لإمرأته

" بدونك أشعر أنني أعمى حقاً "



تقييمي للكتاب

10/9


______

* الفكر اليوناني قبل أفلاطون لـ د. حسين حرب